الثلاثاء، 1 ديسمبر 2009

فن لفجري .. مع الجن

بسم الله الرحمن الرحيم

من اعرق الفنون البحرينية الشعبية .. هو فن لفجري
فن لفجري هو فن فريد من نوعه من حيث كيفية الاداء والاوزان الايقاعة المعقدة جدا والالحان الشجية والتي تفيض بالمشاعر.
وتضاربت الآراء حول نشأة هذا الفن الراقي الذي اعترف برقيه وتعقيد تركيبتة اعضاء لجنة التنقيب الدانماركية الذين زاروا البحرين في القرن الماضي.. كما حظت بعثة البحرين لمهرجان اليونسكو في فرنسا في الستينات، حظى بأطول تصفيق في تلك الليلة !

عموما .. يقول اهل زمان ان لفجري نقل الى بني البشر من الجن..
حيث جاء في القصة الشهيرة .. ان شابا قد سمع جنيا في احدى "الخرايب" يغني بكلمات مبهمة فأعجبه هذا الفن .. وقد تسلل الى ذلك المكان فوجد أناسا لهم أرجل حمير !
فقال لهم أنه يريد أن يتعلم هذا الفن فاشترطوا ألا يفشيه بين الناس ويبقى الأمر سراً وإلا قتلوه..
ومن الواضح أن أخينا هذا لم يفي بوعده !
ومنه انتشر في البلاد .. هذه القصة باختصار شديد.

ولكن توجد هناك آراء اخرى للمفكرين البحرينيين المعاصرين في هذا الموضوع .. حيث قال احدهم ان هذه "شلخة" اطلقها احد القدماء وصدقه الشباب.
ومن اكثر هذه الآراء موضوعية وواقعية .. هو رأي الموسيقي و الباحث الفلكلوري محمد جمال..

حيث شارك الفنان محمد جمال في مؤتمر المجمع العربي للموسيقى في بيروت عندما كان رئيسا لبعثة البحرين للمؤتمر قبل انتخابه كنائب اول لرئيس المجمع العربي للموسيقى ..نائبا للدكتورة رتيبة الحفني.
شارك الفنان محمد جمال بمجموعة من تسجيلات لفن لفجري في الندوة التي اقامها عن هذا الفن ، وكانت التسجيلات لمجموعة من الفنانين مثل سالم العلان واحمد بوطبنية..
وصادف ان كان احد اعضاء البعثة اللبنانية .. القس "الياس كسرواني" حاضرا وكان قد سمع عن هذا الفن ولكن لم يسمعه كتسجيل..
فحاز هذا الفن على اعجاب كسرواني .. واهدى الى محمد جمال بعض التسجيلات لصلوات باللغة السريانية..
كان هناك تشابه لا يمكن التغافل عنه بين هذه الصلوات وبين لفجري الحدادي من حيث اسلوب الاداء والارتجالات وحتى المقام الموسيقي.
وكرابط وحيد بين هذين الفنين .. لم يجد محمد جمال سوى قرية الدير !!!!

من المعروف قديما ان في قرية الدير بجزيرة المحرق .. انه كان يوجد دير "كنيسة صغيرة" ومنه اخذ اسم القرية .. ولا اعلم اذا كان له اثر في يومنا هذا .. وكان يعتقد أن الجن يسكن هذا المبنى "الدير".
جن..ترانيم..مقام موسيقي واحد .. اسلوب واحد .. فلم يجد الباحث مهربا بأن يربط بين هذه العوامل كلها في الاستنتاج الآتي:

ان احدا كان يسترق السمع في احد الخرائب في قرية الدير .. كما في الاسطورة ..فسمع هذه الترانيم .. كما في الاسطورة ..فسأل الناس عن هذا المكان "الدير" فقيل له ان الجن يسكنه.. فما كان من هذا الشخص الا ان يقول بأن الجن كان يغني هذه الاغاني.. بينما في الواقع كانت هي من غناء الرهبان في الدير.. خصوصا انها ربما كانت تغنى بالسريانية "لغة قديمة" فلم يستطع الشخص فهمها فزاد اعتقاده انها من غناء الجن. والله اعلم !

ويقول الباحث ان هذا مجرد استنتاج مربوط بالاسطورة القديمة..والمرجح ان هذا الفن نشأ مثل جميع الفنون في العالم.. بتوارث الانسانية للفن مع اضافة كل جيل له شيئا من الاضافات.كما اضيفت له الآلات الموسيقية اليوم .

وللعلم.. فإن فن لفجري لا يغنى على ظهر السفينة.. بل يغنى في دور الفن على اليابسة.. رغم ما في لفجري من وصلات توحي بجر المجداف ورفع الشراع، الا انها مجرد تمثيل بليغ لما يفعله البحارة في موسم الغوص.

كذلك فن الصوت..ايضا.. تنفرد البحرين بهذا الفن العريق .. وهذا عامل في استنتاج الباحث.. وقد يجادل البعض ان لفجري موجود في الكويت وقطر ايضا .. والجواب هو ان لفجري انتقل الى الكويت في بدايات القرن العشرين مع النهم محمد زايد العميري حيث استقر في احد الدور الشعبية وكان يدفع له راتب لتأدية الفجري ولم يكن موجودا هناك قبل هذا بشكله المعروف حالياً.. اما في قطر.. فانتقل اليها هذا الفن من أهل البحرين حيث انه من المعروف ان التواصل بين أهل البحرين و قطر كان قوياً ومازال.